شركة “أبل” تلاحقنا. بل من الصواب القول ان شركة “ابل” تلاحق كل من بحوزته جهاز ايفون. غير ان شركات الهواتف المحمولة تكدس المعلومات عن مكان تواجد زبائنها منذ زمن طويل وبلا انقطاع . إذن لماذا ثارت هذه الضجة الآن بالذات طالما الامر قائم منذ زمن طويل؟
الجواب هو: أن شركات الهواتف المحمولة تتلقى هذه المعلومات من دون ان تطلبها وهي تحفظها على خوادم خاصة بها محفوظة في مكان آمن قدر المستطاع. ولا يستطيع احد استخدام اي معلومة كهذه دون امر من المحكمة، والكل يعرف كم من التعقيدات نواجه حين نريد معرفة اين يتواجد شخص ما حتى ولو تعرض للاختطاف او ضل الطريق.
أما في حالة “ابل” فليس هنا اي مبرر يدفعها لتعقبنا حيثما نتواجد، والاخطر من هذا ان “ابل” لا تملك الحق الشرعي ولا الاخلاقي بأن تتيح هذه المعلومات لمن يرغب في معرفة مكان تواجدنا في كل لحظة.
كل من يحمل الايفون “جاسوس” دون ان يدري
قرر المحققان السايدر ألن وبيت فردان، فحص هل من الممكن وضع خارطة تظهر عليها تنقلات كل الهواتف المحمولة في منطقتهم. وفي بحثهما عن معلومات في متناول يد من يرغب حول مكان تواجد اصحاب الهواتف، عثر المحققان بطريق الصدفة على ملفات غير محمية وغير مشفرة في الايفون وكذلك في الحاسوب. وبدافع حب الاستطلاع، واصل المحققان النبش في هذه الملفات لكي يكتشفا كما هائلا من المعطيات الرهيبة المحفوظة في جهاز الايفون.
ومن بين الامور التي تحتويها هذه الملفات متابعة كل التنقلات التي قام بها جهاز الايفون منذ فترة طويلة مثل: السفر الى العمل، رحلات الى الخارج، التوجه من البيت الى حضانة الاطفال وغيرها من ابسط التنقلات. كل مكان تتوجه اليه بصحبة جهاز الايفون، يتم تدوينه وحفظه في ملفات الجهاز. وفي كل مرة يتم ملاءمة عمل الايفون مع عمل الحاسوب، تنتقل نسخة من هذه الملفات الى الحاسوب وتحفظ هناك ايضاً بغض النظر هل هو حاسوب شخصي (pc) ام ماكنتوش.
ويعتقد المحققان ان هذه الملاحقة بدأت مع التحديث الاخير الكبير لنظام التشغيل iOS المعتمد في جهاز الايفون. وببساطة، إذا كنت تملك جهاز ايفون يعمل بنسخة قديمة من نظام التشغيل، فإنك غير معرض لمثل هذه الملاحقة.
وإذا كنت تملك جهاز ماكنتوش، يمكنك تحميل برنامج صممه المحققان لحل هذه المشكلة. ليس من الضروري ان تخترق جهاز الايفون او القيام بأي عملية معقدة. بكل بساطة عليك تحميل البرنامج المذكور من الموقع وتشغيله. الصورة التي ستتلقاها ستثير فيك الاشمئزاز.
ما يقوم به هذا البرنامج هو اظهار خارطة العالم وبعد ذلك بقليل يعثر البرنامج على نقطة صغيرة ملونة على هذه الخارطة. اعلم ان هذه النقطة هو انت. اضغط على زر play وسيبدأ البرنامج بعرض تنقلاتك مقرونة بالتوقيت والمكان بصورة واضحة للغاية.
حين تطلع على معلومات كهذه تشعر بقلة الحيلة والعجز التام عن فعل اي شيء. ولنأخذ مثالا على ذلك: رحلة عمل الى لندن. يمكن بوضوح رؤية نقطتين في مكانين اقمت فيهما بعض الوقت. الاول زرته عدة مرات ولهذا فالنقطة ظاهرة بحجم اكبر والآخر زرته مرة واحدة في لندن ولهذا النقطة تبدو اصغر.
يشار الى ان هذه التقنية لا تستخدم الـ GPS وانما تستخدم ما تبثه الهوائيات المنتتشرة عبر ارجاء العالم، ولهذا فالدقة المتناهية مفقودة هنا، ولكنها دقيقة الى حد كبير، بحيث لا يمكنك ان تقول انك كنت في مانشستر بينما كنت في لندن، لأن الامر سيظهر جليا بواسطة هذا البرنامج.
كيف يمكننا التخلص من هذه الملاحقة؟
حين تتعرف على كل هذه المعطيات التي يقدمها لك هذا البرنامج تشعر كم انت مكشوف وعار امام الآخرين. نعم.. نحن ندون في مفكرتنا اين كنا وماذا فعلنا ونلتقط الصور لهذه الاماكن ونتحدث لأصدقائنا عن المطاعم التي أكلنا فيها ولكننا نقوم بكل هذه الامور باختيارنا وبمحض ارادتنا، أما ما نحن بصدده هنا فهو امر خطير وخطير جدا، لاسيما اذا وصلت معلومات عن تنقلاتنا الى اشخاص ينوون لنا الشر.
وطالما يدور الحديث عن امور نقوم بها بإرادتنا وبقرار منا، فهو مقبول ولا مشكلة في ذلك، اما حين يتم اختلاس المعلومات عن تنقلاتنا دون ان يستشيرنا احد، فهذا هو التجسس بعينه. ولكن شركة “ابل” لا تولي اهمية لهذا الجانب، لأن المعلومات التي تجنيها عن تنقلاتنا تحفظ في ملفات غير محمية ابدا. وكل من لديه امكانية العبث في حاسوبك يستطيع ان يعرف اين كنت ومتى كنت وكم من الوقت قضيت في كل مكان.
دعونا لا نفكر بوصول هذه المعلومات الى الخصوم المتربصين بنا واستغلالها للاساءة، بل دعونا نلتفت الى اناس اقرب علينا: ماذا لو وصلت هذه المعلومات حتى للسكرتيرة الخاصة او للزوجة او لشريك العمل، كل من هؤلاء يستطيع سحب هذه المعطيات في حال بقي عدة دقائق لوحده مع جهاز حاسوبك.
في هذه المرحلة هناك طريقة وحيدة لمسح هذه المعلومات في جهاز الايفون وهي اداة باسم: untrackerd يمكن تحميلها وتثبيتها عن طريق Cydia في اجهزة الايفون المخترقة (jailbreak). الأداة المذكورة عبارة عن برنامج صغير يعمل في الخفاء ويمسح هذه المعلومات اولا بأول من جهازك.
اما مستخدمي الاجهزة غير المخترقة، فيوصي المحققان بأن يغيروا عملية التنسيق عبر “الايتونز” بين الايفون والحاسوب بصورة تضمن الآمان. ومن اجل القيام بذلك شغل برنامج “الايتونز” واوصل الايفون به ثم:
1. اختر الايفون في اللائحة من الجهة اليسرى
2. في النافذة التي تظهر لك، تأكد انك تظهر في Summary
3. ضع اشارة في المربع الصغير بجانب عبارة Encrypt iPhone backup
4. ستطلب منك كلمة مرور، اكتبها !
من الآن وصاعدا سيطلب منك كلمة مرور في كل مرة ترغب بعملية مواءمة بين الايفون وجهاز الحاسوب. الامر مزعج بعض الشيء ولكن الامآن مضمون، ولن يتمكن احد بسحب هذه المعطيات عن تنقلاتك بعد الآن.
لقد مر اكثر من يومين بحاله منذ ان انتشر هذا الخبر، دون ان تعقب شركة “ابل” على ذلك. ولكن احد اخصائيي الحماية في شركة “ابل” ويدعى الكس ليفنسون قال: ان الملف المذكور موجود منذ البداية في نظام التشغيل iOS ولكن ما الجديد في تحديث النسخة الاخيرة من iOS4 هو ان الملف اصبح في متناول يد المطورين الآخرين ولهذا صار من الممكن الوصول اليه.
لنفترض ان الامر صحيح فلماذا يجب ان يتمكن كل من يرغب بالوصول الى هذه المعطيات بهذه السهولة. طبعا من الأفضل نقل هذه الخبر عبر الشبكات الإجتماعية ومشاركته لحماية خصوصية المستخدمين.
علينا أن نذكر انه على الأرجح أن نفس العملية تتم في بقية الهواتف الذكية، لأنه جميعها ببساطة تعمل بنفس الصورة، وهذا ليس شئ موجود بجهاز الأيفون فقط . ومساء الأمس أنتشرت أيضا بأن أجهزة الأندرويد تقوم بنفس العملية تماما، على المستخدم أن يكون على دراية بذلك، وان يقوم بشكل مستمر بفحص هذه الأمور وإلغائها .
عڑٱپ ٱڵـڼـټ